الزكاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، جعلها الله قرينة الصلاة في غير ما موضع من القرآن الكريم، يطهر بها العبد ماله، كما يطهر بالصلاة روحه، لذلك كانت الزكاة معلومة الوجوب بالضرورة من الدين ولهذا قال العلماء: من أنكر فرضية الزكاة وهو يعيش بين المسلمين فهو كافر؛ لأن فرضيتها من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام .
وتختصّ الزكاة بجانب الحياة الاقتصادية لعموم المسلمين؛ حيث تقوم على تحقيق مبدأ التكافل الاقتصادي والاجتماعي فيما بينهم، وتحقيق الترابط والتآلف بَين أفراد المجتمع الإسلامي وخاصّةً ما بين الأغنياء والفقراء،
وأيضا تساعد على إنشاء المصالح العامة في الأمة وتقرب بين القلوب، وتزيل أحقاد الطبقات، وتبني مجتمعا متحابا متعاونا، فالزكاة هي تذكير للفرد بحق الجماعة في ماله الذي منحه الله إياه، سواء كان إرثا، أو عن طريق كده وكدحه وكفاحه، وهي في جوهرها وسيلة لتعليم الإنسان أن لغيره كما يبذل لنفسه، كما أن الزكاة تعرض النظام المالي في الإسلام بأبهى وأجمل حلله .
ولذلك فإن الإنسان بتأديته الزكاة يحس باشتراكه في النشاط الاجتماعي، ويشعر بأنه يؤدي للمجتمع نفعا وبأنه عضو عامل في هذا المجتمع، وأنه يسعى دائما لخدمته فيدفعه ذلك إلى الاندماج مع الناس والابتعاد عن التعالي الذي هو من ويلات المجتمعات غير الإسلامية، وبالتقارب بين الغني والفقير، وبهذه الصورة تتوحد الإرادة وتتآلف القلوب، فينطلق المجتمع في بنائه وتقدمه من غير حقد ولا خوف، ويحل السلام في النفوس محل الحسد والحقد والضغينة. وفوق هذا فإن الغني المعطي يشعر براحة نفسية تزيل عنه حب المال وعبادته، ذلك الحب الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى أن يصبح مالك المال عبدا له، بدل أن يكون المال وسيلة لتحقيق مصالحه.
ومما يدل على قيمة فريضة الزكاة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أرسل معاذا إلى اليمن أوصاه وصية ربط فيها بين شهادة التوحيد وبين الزكاة قال: " «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ( متفق عليه ) .
تعليقات
إرسال تعليق